حوار: كمال الشوفاني
فنانة مرهفة الحس تطوع الألوان بريشتها لتصنع منها متعة خاصة للناظر من خلال الألوان الزاهية والخطوط الرقيقة التي لا تتركك تعبر من أمامها سريعا ،بل تجعلك تطيل النظر والتحديق فتأخذك المشاهد إلى عالم جميل أشبه بحكايات ألف ليلة وليلة . هذه هي الفنانة التشكيلية ناديا نعيم . في منزلها الأنيق ووسط أعمال فنية مختلفة تملأ المكان حدثتني عن عالمها الفني .
هي مجموعة أسئلة كانت ببالي، زادت عليها الفنانة نادية أسئلة أخرى من خلال كلامها الممتع والصريح عن حياتها الخاصة الأخرى، مع الفن.
- يخال المرء عندما يشاهد إحدى لوحاتك أنك رسمتها بعد أن أنجزت فصلا من كتاب ألف ليلة وليلة: النساء الجميلات بالملابس الحريرية والشعر المنسدل الجميل، مع تصوير بديع لتقاسيم الأجسام الرشيقة ؛ ويتكرر المشهد كثيرا في معظم أعمالك. هل هو خط فني خاص، وهل أنت أسيرة هذا الخط (الجميل بالطبع)؟
· قد يكون صحيحاً أني تأثرت بقصص وأساطير فيما أركب من لغة تشكيلية ضمن أعمالي ..حقاً أن لي بعض الخيارات التي انسجها عناصر واقعية ضمن محتوى يلعب فيه التخيل دوراً كبيراً فقد اخترت المفردات التي تخدمني وركبتها ضمن قالب جديد يصل في النهاية لما اختزنته ذاكرتي في دخولي لعالم الخيال الفسيح .
ولكن وصول الفنان إلى أسلوب موحد في سياق عمله الفني، يقوم على أساس عملية تراكمية، وكل هذا يؤدي بالفنان إلى بناء وحداته التشكيلية الخاصة به، والتي تميزه عن غيره من الفنانين، ويقوم بهذه العملية من خلال خبرته وخياله ومخزونه البصري وما يحدث من متغيرات أثناء بنائه لعمله الفني .
كل هذه العوامل عموما تشكل طريقاً يسير عليه الفنان في مسيرته الفنية .
واعتقد أني في تجربتي قدمت ذاتي بصدق . من ناحية أخرى، فأنا لست مقيدة بهذا الأسلوب؛ فلدي تجارب أخرى في مسيرتي الفنية، ذلك بسبب التحول الذي يطرأ على العمل الفني أثناء القيام بصياغته ، وما يتبعه من تغير في إحساسي وأفكاري على مر الزمن .
- الرجل غائب عن أعمالك، لماذا ؟
· الرجل موجود في بعض لوحاتي بشكل غير ملموس، لكن كثيراً ما استثنيه لأنه من حيث الصيغة التشريحية بعيد عن طريقة معالجتي للخطوط والعناصر، فالخطوط القاسية في جسد الرجل تبتعد عن الصيغة اللينة والناعمة في لوحاتي من حيث الخط والشكل واللون .والتركيز على المرأة دون الرجل من قبل فنانة أراه أمرا طبيعيا وأعتقد أن المرأة قادرة أكثر على تجسيد المرأة في أعمالها؛ فإن كان الفنان يرى في المرأة الشكل والمظهر الخارجي، فالفنانة ترى شكلها الخارجي وروحها في آن.
- تبرز ألوان معينة في أعمالك بشكل واضح، خصوصا الألوان الزاهية والفاتحة دون غيرها . هل لهذا علاقة بهوية العمل الفني لديك؟
· هذا صحيح فأنا أعشق تلك الألوان الزاهية خصوصا البنفسجي ومشتقاته. عندما كنت طالبة في الجامعة كان أستاذي يعرف لوحتي من خلال ألوانها. أنا أعشق الألوان فلا أتخيل مكانا بدون ألوان والألوان التي أحبها تجعل من المكان الذي أعيش فيه أكثر جمالا .والألوان الداكنة توحي بالعتمة التي تشعرني باليأس، أما ألواني المفضلة فتشعرني بالتفاؤل .
- تعيشين وسط أسرة فنية: زوجك النحات فؤاد نعيم، وابنك النحات الشاب أسامة نعيم، ورغم اختلاف المجال الفني بينك وبينهما، ماذا تقدم لك هذه الحالة الفريدة في أسرة واحدة ؟
· هذا العامل مهم جداً، فحين تبتعد ضمن مشاغل الحياة عن الفن فأنت تحتاج إلى من يأخذ بيدك ويساعدك، فقد قام زوجي فؤاد بعد فترة انقطاعي عن الرسم بتحضير إطارات لوحات وشدها وحفزني على العودة إلى التصوير .
أما بالنسبة لأبني أسامة فأنه يتجاوز بشكل سريع ما أنجزناه خلال سنين مرت، وهو يمتلك موهبة فريدة وحساً تشكيلياً مميزاً، فأعماله تحفزني لأجد صيغاً جديدة في لوحاتي.
- من ناحية أخرى هل الأسرة وهمومها البيتية تقف عائقا أحيانا أمام حياتك الفنية ؟
· في مجتمعنا مسؤولية المنزل على عاتق المرأة، وفي الطبيعة البشرية هي التي تنجب وتربي .إذا أخذنا الزمن الذي يأخذه منها المنزل والأولاد ستجد أن الوقت المتبقي قليل جداً قياساً لما يحصل عليه الرجل من حرية الحركة واتساع الوقت . لكن أن تكون شغوفاً بشيء يشعرك بالسعادة يجعلك تتجاوز ذلك .
- قرأت لك بعض الأشعار، فهل للشعر علاقة بالفن عندك أم العكس ، أو أنه لا توجد علاقة بين الاثنين؟
· الشعر هو أحد أساليب التعبير، وهو فن راقٍ وأنا أتواصل مع الكلمة واللون في آن واحد فتارة أحتاج إلى الكلمة وتارة إلى الرسم وبين هذا وذاك أجد صلة وترابطاً وتشابهاً .
- حسب علمي أنك تحبين لوحاتك ولا تتخلين عنها بسهولة، مع أن انتشار الفنان يأتي من خلال امتلاك الناس لأعماله ، إن كان عن طريق الاقتناء الخاص أو في المرافق العامة والمتاحف. ماذا عندك حول هذا الأمر؟
· علاقتي باللوحة تنطوي على الكثير من التخاطب الروحي وليس فقط التشكيل الفني، لا أرسم بغرض الاتجار لهذا لم أعرض لوحاتي لكن هناك علاقة وثيقة تربطني بعملي وتصل إلى حد النرجسية أحياناً، إلا أن التخلي عن عمل لا يكون إلا بغرض انتشار هذا العمل، بحيث يكون مقتنيه من الجهات التي أشعر بأنها ستقدم إلى عملي الفني ما لم استطع تقديمه على صعيد انتشار هذا العمل وتوسيع رقعته، حيث لا يشكل الجانب المادي قيمة أمام هذا الهدف .
- ألا يحفزك الفنانان فؤاد نعيم وأسامة نعيم على النحت، وهل فكرت بالتجربة يوما ما؟
· أنا من الأشخاص الذين يستهويهم النحت بشكل كبير واعتبره الأجدر بالاهتمام فهو راسخ وباقٍ . وجود نحاتين في حياتي جعلني أحاول ممارسة النحت لكن تجربتي فيه بسيطة لأني شغلت باللوحة .
- ما الشيء الذي لم تحققيه بعد، وتسعين لتحقيقه ؟
· أشياء كثيرة أسعى لتحقيقها فأنا قمت بمعرض فردي في بيروت لكني لم أقم به في دمشق ولا في السويداء أتمنى لو أتمكن من إقامة معرض فردي في أماكن مختلفة . هناك أمر آخر يخطر ببالي دائما هو إعداد كتاب يضم أشعارا لي مع صور لوحات مرافقة .
· الفنانة نادية نعيم
· - خريجة جامعة دمشق كلية الفنون الجميلة قسم الاتصالات البصرية 1989
· - عضو في اتحاد الفنانين التشكيلين
· - مدرسة في معهد التربية الفنية في السويداء.
· - مشاركة في معارض جماعية داخل القطر
· - مشاركة بملتقى التصوير الزيتي الثاني المقام في السويداء 2011
· - أقامت معرضا فرديا في بيروت 2004
· - مشاركة بمعرض الخريف لعام 2012